روائع مختارة | واحة الأسرة | صحة الأسرة | الهسـتيريا...مرض العصر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > صحة الأسرة > الهسـتيريا...مرض العصر


  الهسـتيريا...مرض العصر
     عدد مرات المشاهدة: 2070        عدد مرات الإرسال: 0

الهستيريا هى نوع من العصاب أو المرض النفسي تتحول فيه الإنفعالات المزمنة إلى أعراض جسمية ليس لها أساس عضوي، وهي تعني تحولاً جسمياً لأمور نفسية، نظراُ لأنها تعتمد على حيلة دفاعية نفسية هي التحويل حيث تحول الإنفعالات والصراعات إلى أعراض جسمية كحل رمزي للصراع بعد التعرض للصدمة مباشرةُ.

وهي مرض نفسي عصابي تظهر فيه إضطرابات إنفعالية مع خلل في أعصاب الحس والحركة، كما انها عصاب تحولي تتحول فيه الإنفعالات المزمنة إلى أعراض جسمية ليس لها أساس عضوي لغرض فيه مميزة للفرد أو هروبا من الصراع النفسي أو من القلق إن من موقف مؤلم بدون أن يدرك الدافع لذلك، وعدم أدراك الدافع، ويميز مريض الهستيريا عن المتمارض الذي يظهر المرض لغرض محدد مفيد،  ففي الهستيريا تصاب مناطق الجسم التي يتحكم فيها الجهاز العصبي المركزي -الإرادي- مثل الحواس وجهاز الحركة، وهذا غير المرض النفسي الجسمي حيث تصاب الأعضاء التي تحكم فيها الجهاز العصبي الذاتي -اللاإرادي- ويطلق البعض على الهستيريا إسم الهستيريا التحويلية أو رد فعل التحويل أي التي تعني تحويلا جسميا لأمور نفسية نظرا لأنها تعتمد على حيلة دفاعية نفسية أساسية هي التحويل حيث تحول الإنفعالات والصراعات إلي أعراض جسمية كحل رمزي للصراع.

وكلمة هيستريا يونانية الأصل وقد إستعملت في طب أبيقراط وكانت تعني مرض يظهر بقوة سببه إنتقال الرحم وتجوله داخل العضوية لذلك حيث كان يعتقد ان هذا المرض محصورا بين النساء وهو امر خاطئ، وكلمة هيستريا بمعناها الحالي والصحيح تعني إضطرابا حركيا أو حسيا -اضطراب تحويلي- أو اضطراب في الذاكرة -اضطراب تفككي- لا أساس فيزيولوجي له وإنما أساسه وجود صراع يسبب قلق لا يصل إلى مرحلة الحل ولذلك فهو يكبت ويدفع بعيداً عن ساحة الشعور، وهكذا فالشخص الهيستيري يدافع عن نفسه بإظهار عطل أو عجز حركي أو حسي أو خلل بالذاكرة وهنا عمل اللاشعور الذي يُظهر العجز لتفادي مواجهة القلق الناتج عن الصراع، ويثير لفظ هستيريا لدى القارئ العادي الكثير من التساؤل والمخاوف بل ويعتبره البعض إهانة بالغة، يقصد بها إتهام الانسان بالجنون أو بالسلوك غير السوي، وتستعمل كلمة هستيريا بواسطة غير المختصين لوصف كثير من التصرفات العشوائية والتهور والصراخ.

ولكن الهستيريا كمرض نفسي له اساسه الطبي والفسيولوجي والإجتماعي ولا يوجد تعريف موحد لهذا المرض، وتعرف الهستيريا على انها مرض عصابي اولي يتميز بظهور علامات وأعراض مرضية بطريقة لا شعورية، ويكون الدافع في هذه الحالة الحصول على منفعة خاصة أو جلب إهتمام أو الهروب من موقف خطير، أو تركيز الإهتمام على الفرد كحماية من الاجهاد الشديد، وعادة ما يظهر هذا المرض في الشخصية الهستيرية التي تتميز بعدم النضوج الإنفعالي مع القابلية للايحاء، ولا يعني انها لا تظهر في الشخصيات الاخرى بل وُجد من خلال التجارب العيادية ان كل فرد معرض مهيّأ للأعراض الهستيرية تحت ضغط الإجهاد والشدة، ولكن تختلف من فرد لآخر حسب إستعداده وشدة الموقف.

وهي مرض نفسي يتميز بأعراض جسدية وآلام غير عضوية المنشأ، والهستيريا من الأمراض النفسية الكثيرة الإنتشار وتكون نسبتها عالية إبان الحروب والنكبات، كما أن النساء يصبن بها أكثر من الرجال.. ولهذا المرض صورتان، الهستيريا التحولية، والهستيريا الانفصالية.

* ففي الهستيريا التحولية، يكثر المريض الشكوى من الآلام الجسمانية التي تتنقل من عضو إلى آخر، حتى أن بعض أعضاء الجسم قد تفقد قدرتها على القيام بوظائفها فقد يصاب المريض بالشلل أو العمى أو القدرة على الكلام.

* أما الهستيريا الإنفصالية فقد تبدو بشكل حالات مثل فقدان الذاكرة، النسيان، التجوال النومي، التوهان الهستيري ومن اهم أسباب الإصابة بالهستيريا:

1)  الوراثة: وخاصة لدى أبناء المصابين بالأمراض العقلية.

2)  القابلية للإصابة.

3)  العوامل البيئية.

4)  الكبت الجنسي.

ويمكن القول بصورة عامة أن الهستيريا تشترك بأعراض وسمات عامة مثل: السلوك الطفلي والأنانية وعدم تحمل المسؤولية والميل للسفسطة، التقلب في الانفعالات، الميل للإتكال على الغير، وخداع الذات.

* اما أعراض الهستيريا الانفصالية:

النسيان: في هذه المرحلة تسيطر على المرء فكرة معينة فتستبعد جزءاً من حياته، فينسى المرء كل ما يتعلق بهذا الجزء كما ينسى شخصيته الحقيقية فلا يعرف اسمه أو عنوانه أو عائلته.

التجول النومي: يشيع هذا المرض عند الكثيرين غير أنه أكثر حدوثاً عند الذكور من الاناث وهو عبارة عن حلم يشبع فيه الفرد كل رغباته المكبوتة إذ يتجول المريض مفتوح العينين، غير أنه ينسى كل ما قام به أثناء تجواله.

الشلل: وهو من اكثر الاعراض الحركية الهستيرية شيوعا ويأخذ عدة مظاهر فمن شلل في احد الاطراف الى شلل نصفي في الذراع والساق الى شلل بالساقين واحيانا شلل بجميع الاطراف وتكون العضلات احيانا في حالة تيبس كامل واخرى في حالة رخاوة شديدة ويصبح المريض غير قادر على الحركة ويحتاج لكل العناية الطبية لمرضى الشلل العضوي وبالطبع يأتي المريض راغبا في الشفاء جاهلا بالأسباب الرئيسية التي ادت الى هذا الشلل الهستيري، ولكن كيف نميز بين الشلل العضوي والشلل الهستيري؟ نستطيع ان نميز بين هذا الشلل الهستيري والشلل العضوي اذ ان الاخير -العضوي- يتميز بتغير في الإنعكاسات العميقة مع ضعف في الاجزاء الطرفية، اي يصعب على المريض تحريك اصابعه ولكنه يستطيع رفع الكتف وكذلك يصاب المريض العضوي ببعض الضمور في العضلات ولكن يحتمل حدوث ذلك في الحالات الهيستيرية المزمنة، وكذلك يصاب المريض العضوي ببعض الضمور في العضلات ولكن يحتمل حدوث ذلك في الحالات الهيستيرية المزمنة، كذلك يكشف لنا رسام العضلات الكهربائي عن نوع الشلل وايضا يصاب المريض بالشلل العضوي بإضطرابات في التبول مع إحتمال ظهور بعض القروح والتقيحات في الظهر نظرا لعدم الحركة.

والأعراض الهستيرية تعود أساسا إلى صدمات ذات شحنات إنفعالية قوية ومكبوتة وخبرات طفولة مؤلمة ناتجة عن فقد الحب والرعاية من قبل احد الوالدين أو كليهما، كذلك الإحباط وخيبة الأمل في تحقيق هدفاً أو مطلبا معين، وأخطاء الرعاية الوالدية مثل التدليل والحماية الزائدة والنبذ والقسوة، بالإضافة إلى الضغوط الإجتماعية والمشكلات الأسرية والتوتر النفسي والهموم، ومن أسباب الهستيريا كون احد الوالدين شخصية هستيرية فيأخذ الطفل عنه سمات الشخصية الهستيرية، بالإضافة إلى الإنهاك والشد العصبي، لذلك ينصح لأصحاب الإعمال والطلبة بأخذ إجازة وراحة بين فينة وأخرى.

وهناك العديد من طرق العلاج أو التعامل مع هذه الحالات منها: العلاج النفسي الذى يهدف إلى الكشف عن العوامل الدفينة اللاشعورية المسببة للأعراض، وذلك بإستخدام فنيات التحليل النفسي، ويفيد العلاج النفسي التدعيمي لمساعدة المريض على إستعادة ثقته بنفسه وتعليمه طرق التوافق السوي.

وهناك العلاج الإجتماعي وذلك بتعديل الظروف البيئية المضطربة التي يعيش فيها المريض بما فيها من أخطاء وضغوط وعقبات حتى تتحسن حالته.

والعلاج العضوي تقدم فيه العقاقير اللازمة لتخفيف حالة القلق والإكتئاب المصاحبة للهستيريا ولرفع الروح المعنوية وأحيانا يلجأ المعالج النفسي إلى إستخدام الدواء النفسي الوهمي الذي يفيد مع هذه الحالات.

ويجب تنمية الوازع الديني أو الرقيب الداخلي لدى المريض، حيث انه من ضمن أسباب الأعراض الهستيرية الصراع بين الغرائز والمعايير الإجتماعية أو الصراع بين الأنا الأعلى والهو، فحث المريض على المداومة على ذكر الله تعالى وأداء الصلاة والصوم والصدقة وزيارة بيت الله الحرام وغيرها من العبادات والأعمال الصالحة التي تكون عوناً في التخلص من أعراضه المرضية وتساعد في سرعة الشفاء بعون الله تعالى، ويمثل الأيمان بالله والعودة إلى الدين الأمل الأهم بالنسبة للإنسان في الوقاية من اضطرابات العصر النفسية بعد أن ثبت أن التقدم العلمي والحضاري لا يرتبط بالضرورة بالسلام النفسي وراحة البال للإنسان.

الكاتب: د. أيمن غريب قطب.

المصدر: موقع المستشار.